أنصار السنة.. من المشاركة الى المبادرة
تأنقت دار المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية وهي تستعد لاستقبال علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية ورهط كبير من اهل السياسة ورموز الدولة والمجتمع، في مناسبة الإفطار الرمضاني السنوي الذي اعتادت الجماعة إقامته بالمركز.
إلى جانب نائب الرئيس كانت التوليفة التي لبت الدعوة مزيجاً من حكومة الوحدة الوطنية بل وأحزاب المعارضة، وربما عكس ذلك تصاعد تعاطي الجماعة مع الشأن العام مع تصاعد الأزمات، وكان واضحاً أن الجماعة لديها كثير من الرسائل المهمة التي اختارت أن تبعثها من خلال المناسبة الكريمة وفي حضور هذا اللفيف المتعدد من ألوان الطيف السوداني فقد حضر الحفل د. عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم، ود. أزهري التيجاني وزير الإرشاد والأوقاف، ود. الصادق الهادي المهدي مستشار رئيس الجمهورية، وعلي تميم فرتاك مستشار رئيس الجمهورية، وعبد الرحمن الصادق المهدي القيادي بحزب الأمة، وعبد المحمود أبو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، وبروفيسور أحمد علي قنيف مستشار النهضة الزراعية وبروفيسور محمد عثمان صالح مدير جامعة أم درمان الإسلامية إضافة لقيادات الجماعة.
جماعة أنصار السنة انتهزت فرصة المناسبة الدينية الروحية لتجعل منها منبراً تواصلياً يطرح التحديات الراهنة والمتوقعة أمام ممثلي القوى السياسية الحاضرة وامام نائب الرئيس، وتحاول وضع مبادرة او منهج يمكن ان يجنب البلاد المزالق والمنعطفات الحرجة، لكنها أولاً أسست لموقف الجماعة من ولي الأمر، وذكر الشيخ د. إسماعيل عثمان محمد الماحي الرئيس العام للجماعة إن أنصار السنة تقف الموقف الشرعي في التعامل مع الحكام الذين أمر الله بالتعاون معهم وطاعتهم في المعروف، وأشار إلى أهمية التعاون مع الحكام وولاة الامور في هذا الظرف الذي يحتاج فيه الناس لتجلية المفاهيم، حيث برزت ظواهر التشدد التي وصلت حد التكفير. وعدد الشيخ مواقف الجماعة من قضايا البلاد، وقال إنه يوم أن جاءت فرية ما يسمى المحكمة الجنائية الدولية وقفنا الموقف الشرعي لأننا نعلم أن المستهدف ليس رئيس الجمهورية بل الدولة المسلمة وإسلامنا وديننا.
وكان نائب الرئيس قد شرف في العاشر من رمضان العام الماضي إفطار الجماعة بالمركز العام في حضور الرئيس العام السابق الشيخ ميرغني عمر عثمان، وهو ما جرى ذكره كثيراً في إفطار العام الحالي، مما يوحي بقوة التواصل بين الجماعة ونائب الرئيس الذي يمثل الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، والذي يرشح ما انتجه الإفطار من دعوات ومبادرات للم الصف الوطني لمزيد من الحراك في مقبل الأيام، فقد أطلق الشيخ إسماعيل مبادرة أنصار السنة للتوحد والتناصر بين أهل السودان للانطلاق نحو المستقبل، وأشار فيما يشبه (الكبسولات) العلاجية إلى أن السودان يحتاج من الجميع إلى وقفة واجتماع مسترشداً بالحق والعقل للمحافظة على وحدة السودان وأمنه وسلامته، وقال إن مبادرة أنصار السنة لوحدة أهل السودان ضرورة قصوى لمستقبل بلادنا التي تستقبل تحولاً ديمقراطياً وانتخابات واستفتاء يقرر مصير السودان. وزاد: نختلف على الوصول للأهداف، لكن نتفق على الخطوط الحمراء وعلى ما هو مصيري وإستراتيجي، وبدا أن الجماعة تتلمس خطاها إلى دور أكثر فاعلية في قضية التحول الديمقراطي المقبلة، فقد أمن الشيخ إسماعيل بعد إطلاق مبادرته تلك على أن المسلمين سيرون من الجماعة ما تقر به أعينهم في شأن الإنتخابات وغيرها.
جماعة أنصار السنة أردفت إطلاق (مبادرة أهل رمضان إلى أهل السودان) بالتأكيد من منبر صلاة الجمعة الماضية بالمركز العام على أنها مبادرة لكل السودانيين مسلمين وغيرهم، وانتقد د. إسماعيل حالة اللا مبالاة السياسية والتي أصبحت لا تفيد تجاه ما يحاك ضد الوطن، وأردف بأن جماعته ستبدأ خلال الأيام القادمة في طرح الخطوات العملية للمبادرة على القوى السياسية، وأمنَّ إسماعيل على ضرورة تحريك الروح الجماعية وروح الأمة والإحساس بها، ودعا إلى ضرورة رفع وعي المواطنين للإحساس بالأخطار التي تواجه السودان والمؤامرات التي تستهدف وحدته، والعمل لدرئها وإيجاد الحلول لمشكلات البلاد.
وبالعودة لإفطار جماعة أنصار السنة السنوي تلك الليلة نجده لم يترك جانباً من الشأن العام إلا وأشار إليه بطرف إلا أن الإنتخابات وما يليها كانت صاحبة الحظ الأوفر، وأمن نائب رئيس الجمهورية على ما جاء بلسان الشيخ إسماعيل وأعلن مساندته لمبادرة الجماعة لاجتماع الكلمة ووحدة الصف والتخلق بالقرآن في شهر القرآن وقال إن هذه مبادرة طيبة مباركة نقف معها، ولم يترك الأمر عند ذلك بل مضى للكشف عن خطوات وإجراءات تنظيمية تقوم بها الدولة ومؤسساتها لإتاحة الفرصة لكل السودانيين للإدلاء بآرائهم وأفكارهم تجاه الانتخابات القادمة وما يليها، ودعا طه إلى أن تكون الانتخابات القادمة ساحة لبسط الشورى وتجسيد معاني الاحتكام لأخلاق الإسلام في الحوار وتقبل الرأي الآخر وتقديم القوي الأمين، داعياً إلى أن تجافى الانتخابات المقبلة كل وجوه الزيغ ووسائل الشيطان التي يمكن أن تفرز مرارات وصراعات فيما بعد الانتخابات. وأمن على دعوة الشيخ إسماعيل للحوار حول كيفية أن تكون الانتخابات القادمة موسماً نجسد فيه أفضل ما عندنا من السلوك والقيم والمبادئ والممارسات التي تتفق وديننا وتحترم تباين الآراء وتقبل شهادة وحكم أهل السودان فيمن يقدمونه لولاية الشأن العام، ودعا القوى السياسية لاستقبال بقية مراحل التنافس الانتخابي بنفس الروح الوطنية المسئولة.
مبادرة جماعة أنصار السنة كانت مناسبة لتبادل الآراء بين قوى إسلامية سودانية مؤثرة في حضور كبير للقوى الأخرى قد تقود إلى تحالف إسلامي بين أنصار السنة والحركة الإسلامية السودانية مستقبلاً، وهذا ما قد تكشف عنه الأيام المقبلة، كما ان الخطوة القادمة بطرح الخطوات العملية على بقية القوى تدخل الجماعة دائرة الفعل السياسي بقوة.